مدير النشر
قمة ترامب وبوتين في هلسنكي تجمع بين رئيسين تفرقهما كل التناقضات
© ا ف ب | دميتان تحملان صورتي الرئيس الاميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو
تساءل دونالد ترامب حين كان يستعد قبل خمس سنوات للسفر الى روسيا لحضور حفل انتخاب ملكة جمال الكون ما اذا كان سيلتقي بفلاديمير بوتين، واعلن حينها على تويتر "اذا حصل ذلك هل سيصبح صديقي المقرب الجديد؟
اليوم يطرح العالم السؤال نفسه مع استعداد المقدم السابق لبرنامج "ذي ابرنتيس" (المتدرب) الذي اصبح رئيسا للولايات المتحدة للقاء الضابط السابق في جهاز الاستخبارات الروسي "كا جي بي" في هلسنكي في اول قمة تجمع بينهما
ستكون ملفات سوريا والتدخل في الانتخابات الاميركية واوكرانيا مطروحة على طاولة المحادثات، الا ان التركيز سيكون على مدى الانسجام بين الرجلين
لطالما اعرب ترامب عن اعجابه بالقائد القوي في وقت تتهم الاستخبارات الاميركية الزعيم الروسي بالتدخل في الانتخابات الاميركية في 2016 لترجيح فوز الملياردير على منافسته الديموقراطية هيلاري كلينتون
ومن الصعب ان يكون مزاج الرجلين واسلوبهما اكثر تناقضا
ففي حين يتحدث ترامب بعفوية وغالبا ما يناقض بتصريحاته المنفعلة مستشاريه - واحيانا نفسه - لا عفوية على الاطلاق في الظهور العلني لبوتين الذي نادرا ما تظهر انفعالاته
ويطّلع بوتين بشكل دائم على التقارير الاستخبارية والملخصات الصحافية، في المقابل تفيد تقارير بان مستشاري ترامب يعانون الامرين لحضه على قراءة الملخصات حتى تلك الاكثر ايجازا
وبينما يجاهر الرئيس الاميركي بمواقفه وآرائه على وسائل التواصل الاجتماعي، لا يحمل نظيره الروسي حتى هاتفا ذكيا ويعتمد على وسائل الاعلام لنقل آرائه
- الند للند -
رغم ذلك، ليس بالضرورة ان يحول التناقض دون ان يجد الرجلان ما يجمعهما
وتقول المحللة السياسية في معهد بروكينغز في واشنطن الينا بولياكوفا "اثبت بوتين انه يتمتع بذكاء استثنائي في ما يتعلق بفهم الشخصيات والاشخاص
وتابعت لوكالة فرانس برس "في النهاية هذا ما تدرب عليه كضابط في الاستخبارات، واعتقد انه يجيد بشكل خاص كشف نقاط الضعف في اي شخص يجلس معه
وتضيف بولياكوفا "سيمتدح ترامب وسيحاول ايجاد روابط معه على طريقة الند للند. سيتجاوب ترامب مع هذا الامر".
اذا حصل ذلك سيكون لدى بوتين بعض اوجه التشابه للبناء عليها
وتجمع الرجلين النزعة السلطوية. فبعد القمة الاخيرة مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون في سنغافورة اعلن ترامب أنه يود ان يصغي الاميركيون عندما يتحدث مثلما يفعل الكوريون الشماليون حين يتحدث كيم، وقال "انه يتحدث وشعبه يستمع اليه بانتباه. اريد من شعبي ان يفعل الشيء نفسه
ويفضل الزعيمان المفاجآت واتخاذ القرارات الاحادية على الغرق في تفاصيل التعامل مع المؤسسات والشؤون الادارية.
ووعد كل من الزعيمين القوميين بان يجعل بلاده "عظيمة مجددا": بوتين خلال فترة انعدام الاستقرار التي اعقبت انهيار الاتحاد السوفياتي، وترامب بعد ما وصفه بفترة تراجع الصناعة الاميركية
والرجلان فاحشا الثراء الا ان لديهما طرقا مختلفة لاظهار ذلك
واظهرت وثائقيات عرضها التلفزيون الروسي الرسمي اعتماد بوتين نمط حياة متقشف الا ان المقربين منه جمعوا ثروات طائلة فيما يقول معارضوه ان الرئيس نفسه يملك عشرات مليارات الدولارات
في المقابل، يعتبر ترامب مرادفا للتباهي بالثروات وهو يستخدم مصعدا ذهبيا للتوجه الى شقته في نيويورك، علما ان تقارير اعلامية اميركية تفيد بان ثروته تقل بمليارات عما يدعيه
- "اول من يضرب" -
ولد بوتين عام 1952 في لينينغراد التي اصبح اسمها سان بطرسبرغ في اسرة من الطبقة العاملة والتحق بجهاز الاستخبارات الروسي "كا جي بي" عندما كان في العشرينيات من العمر
اما ترامب فكان الابن الرابع من اصل خمسة لقطب عقارات ثري في نيويورك. واستثمر ما وصفه بانه "قرض صغير جدا" بمليون دولار حصل عليه من والده للانطلاق في مجال العقارات.
وفي شبابهما كان الرجلان ينحوان للدخول في شجارات
ويقول بوتين إنه تعلم في شوارع لينينغراد ان يكون "اول من يضرب" فيما تشير وثائقيات الاعلام الاميركي الى شجارات عنيفة بين ترامب وطلاب صفه في المدرسة الثانوية
وابان ثمانينيات القرن الماضي مع بناء ترامب امبراطوريته عايش بوتين من مدينة دريسدن في المانيا الشرقية، حيث كان مقره كعميل للاستخبارات، انهيار الاتحاد السوفياتي
وفي حين تتواجد عائلة ترامب في صلب امبراطورتيه التي تحمل اسم شهرته، يحمي بوتين المطلّق خصوصيته بقوة ولا تظهر ابنتاه علنا
وعمل ترامب على ان يتعرف الاخرون على نواحي حياته منذ صعوده في مجال الاعمال الى بروزه كنجم لتلفزيون الواقع مطلع الالفية الثانية
وباستثناء تفاصيل قليلة كشفها للصحافيين على مر السنين، المعلومات حول بوتين شحيحة جدا، وهو ارتقى في المناصب قبل ان يتسلم الرئاسة من سلفه بوريس يلتسين
وعنونت الباحثة الروسية المرموقة ماشا غيسن كتابها عن الرئيس الروسي بـ"رجل بلا وجه" في وصف لا يمكن ان ينطبق مطلقا على نظيره الاميركي
وكالات