مع انخفاض الإصابات بفيروس كورونا حول العالم، منظمة الصحة العالمية تحذر "لم تُخمد النيران بعد"
IMF/Cyril Marcilhacy اتخاذ تدابير الصحة العامة في أحد الأسواق في العاصمة الفرنسية باريس
أفادت منظمة الصحة العالمية بانخفاض عدد حالات الإصابة المبلغ عنها بمرض كوفيد-19 للأسبوع الخامس على التوالي حول العالم. لكن خبراء الصحة شددوا على ضرورة توخي الحذر لأن الفيروس يتمتع بقدرة شديدة على العدوى لاسيّما مع الطفرات الجديدة.
وفي المؤتمر الصحفي الاعتيادي من جنيف، أشار مسؤولو منظمة الصحة العالمية إلى أن الأسبوع الماضي شهد أقل عدد من الحالات الأسبوعية المبلغ عنها لمرض كـوفيد-19 منذ تشرين الأول/أكتوبر.
وقال د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، مدير عام منظمة الصحة العالمية: "حتى الآن هذا العام، انخفض عدد حالات كوفيد-19 الأسبوعية المبلغ عنها بمقدار النصف تقريبا، من أكثر من 5 ملايين حالة في أسبوع الرابع من كانون الثاني/يناير، إلى 2.6 مليون في الأسبوع الذي يبدأ بالثامن من شباط/فبراير، أي في غضون خمسة أسابيع فقط".
"لم تُخمد النيران" بعد
ورغم هذا الانخفاض الذي "يبعث على الأمل"، أشار مدير عام منظمة الصحة العالمية إلى أن "النيران لم تُخمد بعد، لكننا قللنا من حجمها"، وحذر من أن التوقف عن مكافحتها على أي جبهة سيتسبب في عودة الارتفاع في الحالات مرة أخرى.
من جانبه، دعا د. مايكل راين، مدير عام برنامج الطوارئ في منظمة الصحة العالمية، إلى ضرورة توخي الحذر الشديد، وقال: "يجب أن نتذكر أن لهذا الفيروس قوة شديدة على الانتقال، وأن هناك عددا كبيرا من الأشخاص المعرّضين للإصابة وأن العدوى ستتواصل. وعندما ننظر للتخفيف من بعض الإجراءات المطبقة في بعض الأماكن يجب أن نكون حذرين كيلا نرى أمرا مماثلا لما حدث في الخريف الماضي، حيث سمحنا للمرض بإعادة تأسيس نفسه، والانتشار والتسارع من جديد، وأعتقد أن التسارع في انتقال هذا المرض هو أكثر ما يبعث على القلق. يجب أن نتفادى ذلك".
وأوضح د. راين أن للفيروسات دورة طبيعية تختلف مع المواسم ومع السلوكيات وغيرها من الأمور، وبحسب رأيه، فإن الانخفاض في عدد الحالات حول العالم خلال الأسابيع الماضية كان بفضل الجهود التي اتُخذت في المجتمعات والإغلاقات التي فرضتها بعض الدول والتمسك بتدابير الصحة العامة.
من المبكر إعلان الانتصار
وأضاف د. راين أن من المبكر إعلان الانتصار على الجائحة: "أخشى أنه إذا انخفضت الأرقام فسنعلن نوعا من الانتصار، لقد فعلنا ذلك مرتين من قبل، حيث تنفسنا الصعداء جميعا وانتقلنا من موجة، وفوجئنا بعدها بشهر أو شهرين بأننا في منتصف موجة ثانية".
ولفت المسؤول في منظمة الصحة العالمية إلى الحاجة للسيطرة على الفيروس عبر الوصول إلى "علاقة مستقرة" معه. وقال: "يجب أن نسيطر على الفيروس، لأنه لا يزال يسيطر علينا، نحتاج إلى الوصول لمستويات منخفضة مستدامة من انتقال العدوى، والحد من الوفيات وعدد الحالات التي تتطلب دخول المستشفيات".
وترى د. ماريا فان كيرخوف، رئيسة الفريق التقني المعني بكوفيد-19 في منظمة الصحة العالمية، أن الانخفاض في عدد الحالات يثبت أن تدابير الصحة العامة فعّالة في عدد من الدول، من بينها الدول التي ظهرت بها متغيّرات للفيروس.
لكنّها أشارت إلى وجود تحديات: "هذه المتغيّرات للفيروس - وما يطرأ عليه من تطور طبيعي- تفرض حالة من عدم اليقين بشأن قدرة هذا الفيروس ومدى تغيّره.. التحدي الآخر هو اللقاحات التي تمدنا بالأمل وهي إنجاز كبير، لكن طرحها سيتطلب وقتا.. أما التحدي الثالث فهو الإرهاق. العالم منهك، جميعنا متعبون ونريد للأمر أن ينتهي".
ودعت د. ماريا فان كيرخوف إلى التمسك بالإجراءات الاحترازية وعدم الاسترخاء رغم انخفاض الأعداد عالميا.
وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الشركاء حول العالم لتأسيس إطار لتقييم المخاطر للقدرة على مراقبة تحوّرات الفيروس ودراستها.
اللقاحات فرصة لخفض الحالات
وأشار المسؤولون في منظمة الصحة العالمية إلى أنه ربما مع جيل ثان أو ثالت من اللقاحات يمكن المساهمة في انحسار أو حتى القضاء على الفيروس. وتوفـّر اللقاحات الفرصة لتقليص عدد الوفيات أو الحالات التي تتطلب رعاية المستشفيات.
وقال د. مايكل راين: "إذا تم توزيع اللقاحات بشكل منصف وحماية الأكثر عرضة للخطر فإن القرارات التي سنتخذها ستتغير، لأن الآثار الناجمة عن العدوى ستتغير، فإذا لم تتسبب العدوى بالوفاة أو نقل الأشخاص للمستشفيات، سيؤخذ ذلك بعين الاعتبار للمضي قدما".
الضوء الأخضر لأسترازينيكا
أضافت اليوم منظمة الصحة العالمية نسختين من لقاح أسترازينيكا/أكسفورد إلى قائمة استخدامات الطوارئ، مما يعطي الضوء الأخضر لطرح هذه اللقاحات عالميا من خلال مرفق كوفاكس (المعني بالإتاحة العادلة للقاحات).
وتُنتج نسختي اللقاح كلٌ من شركة SKBio الكورية ومعهد سيروم بالهند، ورغم أن الشركتين تصنّعان نفس اللقاح، لكن يتطلب ذلك مراجعة وموافقة منفصلة.
وقال د. تيدروس: "تعمل قائمة منظمة الصحة العالمية للاستخدام في حالات الطوارئ على تقييم وضمان جودة وسلامة وفعالية لقاحات كوفيد-19. والإضافة إلى القائمة شرط أساسي لتوزيع اللقاحات بواسطة كوفاكس".
لكنّه أشار إلى الحاجة إلى زيادة الإنتاج، ودعا مصنّعي لقاح كوفيد-19 إلى تقديم ملفاتهم لمنظمة الصحة العالمية للمراجعة في نفس الوقت الذي يقومون فيه بتقديمها إلى الجهات التنظيمية في البلدان ذات الدخل المرتفع.
ومع قرب طرح مزيد من اللقاحات، ذكّر مدير عام منظمة الصحة العالمية بأهمية مكافحة المعلومات المضللة، وقال: "العام الماضي، شهدنا الضرر الحقيقي الذي يمكن أن يحدث عندما تنتشر المعلومات المضللة والمغلوطة بين الناس"، مشددا على أهمية الاستماع إلى مخاوف الناس وأسئلتهم والإجابة عن هذه الأسئلة بمعلومات جيّدة.
إيبولا في أفريقيا
على صعيد آخر أعلنت السلطات في غينيا أمس الأحد تفشي فيروس إيبولا جنوب شرق البلاد. وتم تأكيد ثلاث إصابات حتى الآن من بين ستة أشخاص أبلغوا عن أعراض شبيهة بأعراض الإيبولا بعد مشاركتهم في جنازة نهاية شهر كانون الثاني/يناير. ومنذ ذلك الوقت، توفي اثنان، ويخضع أربعة للعلاج في المستشفى.
وكانت غينيا واحدة من بين ثلاث دول أفريقية في غرب القارّة تضرروا بإيبولا بين عامي 2014 و2016.
أما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد بدأت اليوم الاثنين حملة التطعيم، وحتى الآن تم تطعيم 43 شخصا من بين 149 من أشخاص مخالطين مؤهلين، من بينهم 20 شخصا حصلوا على التطعيم عام 2019. وتعمل منظمة الصحة العالمية عن كثب مع السلطات الصحية في كلا البلدين للتواصل مع المجتمعات المتضررة لتعزيز الثقة وتلقي اللقاح.
وتابع د. تيدروس يقول: "إيبولا وكوفيد-19 مرضان مختلفان كثيرا. لكنهما يزدهران بالمعلومات المضللة وانعدام الثقة. يمكن إيقاف كليهما من خلال تدابير الصحة العامة المثبتة ومشاركة المجتمعات والمعلومات الدقيقة واللقاحات"
Comments